البنك الدولي: دول الشرق الأوسط ستنمو بهذه النسبة في 2022
توقع البنك الدولي أن تسجل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً اقتصادياً بنسبة 5.5 بالمئة في 2022، وهي أسرع وتيرة للنمو منذ عام 2016، قبل أن يتباطأ المعدل إلى مستوى 3.5 بالمئة العام المقبل.
وتلقت الدول المصدرة للنفط في منطقة الخليج مكاسب غير متوقعة من ارتفاع أسعار النفط.
ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي الست بنسبة 6.9 بالمئة هذا العام، أي أعلى بنقطة مئوية كاملة من توقعات البنك الدولي قبل ستة أشهر.
وقال البنك الدولي، الأربعاء، إن أسعار النفط المرتفعة عززت الإيرادات المالية لدول مجلس التعاون الخليجي، وأضاف أنها ستؤدي إلى فوائض مالية لمعظم البلدان المصدرة للنفط في عام 2022، حتى بعد الإنفاق الإضافي على برامج التخفيف من حدة التضخم.
وأضاف البنك أن الدول النامية المستوردة للنفط لا تملك مثل هذه المكاسب الاستثنائية، وسيتعين عليها خفض أوجه الإنفاق الأخرى والبحث عن مصادر جديدة للإيرادات.
ويخلُصُ التقرير الذي صدر تحت عنوان “حالة ذهنية جديدة: تعزيز الشفافية والمساءلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، إلى أن البلدان المصدرة للنفط في المنطقة تستفيد من ارتفاع أسعار الهيدروكربونات (النفط والغاز)، بينما تواجه بلدانها المستوردة للنفط ظروفاً معاكسة، حيث تعاني ضغوطاً ومخاطر متزايدة نتيجة لارتفاع فواتير الواردات، لا سيما واردات الغذاء والطاقة، وتقلص الحيز المتاح للإنفاق في ماليتها العامة، نظراً لإنفاقها المزيد على دعم الأسعار للتخفيف من معاناة شعوبها من هذا الارتفاع.
وتعليقاً على هذا التقرير، قال فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “سيتعين على جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إجراء تعديلات للتعامل مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والواردات الأخرى، وخاصة إذا كان هذا الارتفاع سبباً في زيادة معدلات الاقتراض الحكومي أو تخفيض قيمة العملة المحلية. والحوكمة الرشيدة هي عين ما تحتاجه بلدان المنطقة في الآونة الحالية لكي تتمكن من تجاوز العاصفة والبدء في إعادة البناء بعد تعرضها لصدمات متعددة أضافت إلى أعباء الجائحة.”
من جانبها قالت روبرتا غاتي، رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي: “يُعد التحرك نحو المزيد من شفافية البيانات والمساءلة نقطةَ تحول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ ويمكن أن يساعد بلدانها على تحديد ما هو ناجح ويحتاج إلى تحسين ومن ثم التصرف بناءً عليه. كما أنه سيساعدها على إدارة المخاطر وتشكيل مسيرة تقدمها نحو مستقبل أكثر استدامة وشمولاً. وليست الفوائد المحتملة كبيرة فحسب، بل إن الإصلاحات اللازمة لوضع المؤسسات على مسار التعلم الصحيح هي أيضاً في المتناول.”
ويسوق التحليل الذي قام به البنك الدولي تنبؤاته بأن يشهد النمو ببلدان المنطقة تبايناً في مساراته، حيث يرى أن دول مجلس التعاون الخليجي تسير على المسار الصحيح لتحقيق نمو قدره 6.9% في عام 2022، مدعوماً بارتفاع إيرادات الهيدروكربونات، إلا أنه يتوقع حدوث تباطؤ في النشاط الاقتصادي في عام 2023 إلى 3.7%، مع تراجعٍ متوقعٍ في أسعار الهيدروكربونات. ومن المتوقع أن تشهد البلدان النامية المصدرة للنفط اتجاهات مماثلة لتلك السائدة بدول مجلس التعاون الخليجي ولكن عند مستويات أدنى – مع توقعات بأن يشهد عام 2022 ارتفاعاً في معدلات النمو إلى 4.1% بقيادة العراق، وذلك قبل أن يتراجع إلى 2.7% في عام 2023. وبالنسبة للبلدان النامية المستوردة للنفط، يتوقع التقرير أن تحقق نمواً بنسبة 4.5% في عام 2022 و4.3% في عام 2023. ومع ذلك، يمثل تباطؤ النمو في أوروبا خطراً كبيراً، حيث تعتمد هذه المجموعة من البلدان بشكل أكبر على التجارة مع منطقة اليورو – لا سيما البلدان المستوردة للنفط في شمال أفريقيا والأقرب جغرافياً إلى أوروبا وهي تونس والمغرب ومصر.
ويشير التقرير إلى أن واضعي السياسات في جميع أنحاء المنطقة استحدثوا بعض التدابير – خاصة ضوابط الأسعار وأوجه الدعم والإعانات – لخفض الأسعار المحلية لسلع معينة، مثل الغذاء والطاقة، مقارنة بأسعارها العالمية، وأن هذا الأمر كان له تأثيره في إبقاء التضخم في المنطقة أقل منه في المناطق الأخرى. ففي مصر، على سبيل المثال، بلغ متوسط التضخم 14.3% على أساس سنوي خلال الفترة من مارس/آذار إلى يوليو/تموز 2022، مع أنه كان من الممكن أن يكون أعلى بنسبة 4.1 نقطة مئوية عند 18.4%، لو لم تتدخل الجهات المختصة.
ويذكر التقرير أيضاً أن بعض الحكومات لجأت إلى تقديم مساعدات نقدية للأسر الأفقر – وهي طريقة تتسم بالكفاءة لمساعدة الفئات الفقيرة على التعامل مع ارتفاع الأسعار مقارنة بإعانات الدعم العام للأسواق التي تتيح أسعاراً مخفضة لجميع الفئات، بما في ذلك الأغنياء. وبالنسبة لمصر، فإن تقليل متوسط التضخم بما يعادل 4.1 نقطة مئوية باللجوء إلى دعم أسعار الغذاء والطاقة الذي يفيد جميع السكان يكلف البلاد 13.2 مرة أكثر من السماح بارتفاع الأسعار ودعم أفقر 10% من الأسر باللجوء إلى التحويلات النقدية.
ويؤكد التقرير أن حكومات المنطقة ستمضي في تحمل نفقات إضافية لأنها تزيد من إعانات الدعم والتحويلات النقدية للتخفيف من الأضرار التي تلحق بمستويات معيشة سكانها جراء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة عالمياً. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي والبلدان النامية المصدرة للنفط، فإن هذا الأمر لا يمثل مصدر قلق كبير حالياً، حيث أدت الزيادات غير المتوقعة في إيراداتها، بسبب ارتفاع أسعار الهيدروكربونات، إلى زيادة الحيز المتاح للإنفاق في المالية العامة بشكل كبير وستؤدي إلى فوائض مالية لمعظم البلدان المصدرة للنفط في عام 2022 – حتى بعد زيادة الإنفاق على برامج التخفيف من حدة التضخم.
ويُلمحُ التقرير إلى أن البلدان النامية المستوردة للنفط لا تتوفر لديها مثل هذه الإيرادات غير المتوقعة، الأمر الذي يفرض عليها خفض أوجه الإنفاق الأخرى، أو إيجاد مصادر جديدة للإيرادات، أو اللجوء إلى زيادة العجز في ماليتها العامة أو الديون لتمويل برامج التخفيف من التضخم وأي إنفاق إضافي آخر. علاوة على ذلك، ومع ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، سيزداد عبء خدمة الديون على البلدان المستوردة للنفط، حيث يتعين عليها دفع أسعار فائدة أعلى على الديون الجديدة التي تقترضها والديون الحالية التي تعيد تمويلها، مما يؤثر على قدرتها على تحمل أعباء الديون بمرور الوقت – لا سيما البلدان ذات مستويات الديون المرتفعة بالفعل، مثل الأردن وتونس ومصر.